الاحتباس الحراري
هو ظاهرة إرتفاع درجة الحرارة في بيئة ما نتيجة تغيير في سيلان الطاقة
الحرارية من البيئة و إليها. و عادة ما يطلق هذا الإسم على ظاهرة إرتفاع
درجات حرارة الأرض في معدلها. و عن مسببات هذه الظاهرة على المستوى الأرضي
أي عن سبب ظاهرة إرتفاع حرارة كوكب الأرض ينقسم العلماء إلا من يقول أن
هذه الظاهرة ظاهرة طبيعية و أن مناخ الأرض يشهد طبيعيا فترات ساخنة و فترت
باردة مستشهدين بذلك عن طريق فترة جليدية أو باردة نوعا ما بين القرن 17 و
18 في أوروبا. هذا التفسير يريح كثير الشركات الملوثة مما يجعلها دائما
ترجع إلى مثل هذه الأعمال العلمية لتتهرب من مسؤليتها أو من ذنبها في
إرتفاع درجات الحرارة حيث أن أغلبية كبرى من العلماء و التي قد لا تنفي أن
الظاهرة طبيعية أصلا متفقة على أن إصدارات الغازات الملوثة كالآزوت و ثاني
أوكسيد الكربون يقويان هذه الظاهرة في حين يرجع بعض العلماء ظاهرة
الإنحباس الحراري إلى التلوث وحده فقط حيث يقولون بأن هذه الظاهرة شبيهة
إلى حد بعيد بالدفيئات الزجاجية و أن هذه الغازات و التلوث يمنعان أو يقويان مفعول التدفئة لأشعة الشمس.
ففي الدفيئة الزجاجية تدخل أشعة الشمس
حاملة حرارتها إلى داخل الدفيئة، ومن ثم لا تتسرب الحرارة خارجا بنفس
المعدل، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة داخل الدفيئة. كذا تتسبب
الغازات الضارة التي تنبعث من ادخنة المصانع ومحطات تكرير البترول ومن عوادم السيارات (مثلا) في نفس الظاهرة،مسببة ارتفاع درجة حرارة الأرض.
ولقد
شهد العالم في العقد الأخير من القرن الماضي أكبر موجة حرارية شهدتها
الأرض منذ قرن حيث زادت درجة حرارتها 6درجات مئوية. وهذا معناه أن ثمة
تغيرا كبيرا في مناخها لايحمد عقباه. فلقد ظهرت الفيضانات والجفاف والتصحر
والمجاعات وحرائق الغابات. وهذا ماجعل علماء وزعماء العالم ينزعجون
ويعقدون المؤتمرات للحد من هذه الظاهرة الإحترارية التي باتت تؤرق الضمير
العالمي مما أصابنا بالهلع. وهذا معناه أن الأرض ستكتسحها الفياضانات
والكوارث البيئية والأوبئة والأمراض المعدية. وفي هذا السيناريو البيئي
نجد أن المتهم الأول هوغاز ثاني أكسيد الكربون الذي أصبح شبحا تلاحق لعنته
مستقبل الأرض. وهذا ما جناه الإنسان عندما أفرط في إحراق النفط والفحم
والخشب والقش ومخلفات المحاصيل الزراعية فزاد معدل الكربون بالجو. كما أن
لإجتثاث اَشجار الغابات وإنتشار التصحر قلل الخضرة النباتية التي تمتص غاز
ثاني أكسيد الكربون من الجو. مما جعل تركيزه يزيد به.
ولنبين أهمية المناخ وتأرجحه أنه قد أصبح ظاهرة بيئية محيرة. فلما إنخفضت درجة الحرارة نصف درجة مئوية عن معدلها لمدة قرنين منذ عام 1570 م مرت أوربا بعصر جليدي جعل الفلاحين يهجون من أراضيهم ويعانون من المجاعة لقلة المحاصيل. وطالت فوق الأرض فترات الصقيع.
والعكس لو زادت درجة الحرارة زيادة طفيفة عن متوسطها تجعل الدفء يطول
وفترات الصقيع والبرد تقل مما يجعل النباتات تنمو والمحاصيل تتضاعف
والحشرات المعمرة تسعي وتنتشر. وهذه المعادلة المناخية نجدها تعتمد علي
إرتفاع أو إنخفاض متوسط الحرارة فوق كوكبنا.
]فالأرض
كما يقول علماء المناخ بدون الجو المحيط بها سينخفض درجة حرارتها إلي
–15درجة مئوية بدلا من كونها حاليا متوسط حرارتها +15درجة مئوية. لأن الجو
المحيط بها يلعب دورا رئيسيا في تنظيم معدلات الحرارة فوقها. لأن جزءا من
هذه الحرارة الوافدة من الشمس يرتد للفضاء ومعظمها يحتفظ به في الأجواء
السفلي من الغلاف المحيط. لأن هذه الطبقة الدنيا من الجو تحتوي علي بخار
ماء وغازات ثاني إسيد الكربون والميثان وغيرها وكلها تمتص الأشعة دون الحمراء.
فتسخن هذه الطبقة السفلي من الجو المحيط لتشع حرارتها مرة ثانية فوق سطح
الأرض. وهذه الظاهرة يطلق عليها الإحتباس الحراري أو ظاهرة الدفيئة أو
الصوبة الزجاجية الحرارية. ومع إرتفاع الحرارة فوق سطح الأرض أو بالجو
المحيط بها تجعل مياه البحار والمحيطات والتربة تتبخر. ولو كان الجو جافا
أو دافئا فيمكنه إستيعاب كميات بخار ماء أكثر مما يزيد رطوبة الجو. وكلما
زادت نسبة بخار الماء بالجو المحيط زادت ظاهرة الإحتباس الحراري. لأن بخار
الماء يحتفظ بالحرارة. ثم يشعها للأرض.
ولقد وجد أن الإشعاعات الكونية والغيوم تؤثر علي تغيرات المناخ بالعالم ولاسيما وأن فريقا من علماء المناخ الألمان بمعهد ماكس بلانك بهايدلبرج في دراستهم للمناخ التي نشرت مؤخرا بمجلة (جيوفيزيكال ريسيرتش ليترز) التي يصدرها الاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي.
وقد جاء بها أنهم عثروا على أدلة علي العلاقة ما بين هذه الأشعة والتغيرات
المناخية فوق الأرض. فلقد إكتشفوا كتلا من الشحنات الجزيئية في الطبقات
السفلى من الغلاف الجوي تولدت عن الإشعاع الفضائي. وهذه الكتل تؤدي إلي
ظهور الأشكال النووية المكثفة التي تتحول إلى غيوم كثيفة تقوم بدور أساسي
في العمليات المناخية حيث يقوم بعضها بتسخين العالم والبعض الآخر يساهم في
إضفاء البرودة عليه. ورغم هذا لم يتم التعرف إلى الآن وبشكل كامل على عمل
هذه الغيوم. إلا أن كميات الإشعاعات الكونية القادمة نحو الأرض تخضع بشكل
كبير لتأثير الشمس. والبعض يقول أن النجوم
لها تأثير غير مباشر على المناخ العام فوق الأرض. ويرى بعض العلماء أن
جزءا هاما من الزيادة التي شهدتها درجات حرارة الأرض في القرن العشرين،
ربما يكون مرده إلى تغيرات حدثت في أنشطة الشمس، وليس فقط فيما يسمى
بالاحتباس الحراري الناجم عن الإفراط في استخدام المحروقات.
]ورغم
التقنيات المتقدمة والأبحاث المضنية نجد أن ظاهرة الإحتباس الحراري بالجو
المحيط بالأرض مازالت لغزا محيرا ولاسيما نتيجة إرتفاع درجة حرارة المناخ
العالمي خلال القرن الماضي نصف درجة مئوية أخذ الجليد في القطبين وفوق قمم
الجبال الأسترالية
في الذوبان بشكل ملحوظ. ولاحظ علماء المناخ أن مواسم الشتاء إزدادت خلال
الثلاثة عقود الأخيرة دفئا عما كانت عليه من قبل وقصرت فتراته. فالربيع
يأتي مبكرا عن مواعيده. وهذا يرجحونه لظاهرة الإحتباس الحراري. ويعلق
العالم (جون مورجن)
علي هذه الظاهرة المحيرة بقوله :إن أستراليا تقع في نصف الكرة الجنوبي.
وبهذا المعدل لذوبان الجليد قد تخسر تركة البيئة الجليدية خلال هذا القرن.
وقد لوحظ أن الأشجار في المنطقة الشيه قطبية هناك قد إزداد إرتفاعها عما
ذي قبل . فلقد زاد إرتفاعها 40 مترا علي غير عادتها منذ ربع قرن . وهذا
مؤشر تحذيري مبكر لبقية العالم .لأن زيادة ظاهرة الإحتباس الحراري قد تحدث
تلفا بيئيا في مناطق أخري به. وهذا الإتلاف البيئي فوق كوكبنا قد لاتحمد
عقباه .فقد يزول الجليد من فوقه تماما خلال هذا القرن . وهذا الجليد له
تأثيراته علي الحرارة والمناخ والرياح الموسمية .
وفي جبال الهيملايا وجد 20 بحيرة جليدية في نيبال و 24 بحيرة جليدية في بوهيتان قد غمرت بالمياه الذائبة فوق قمة جبال الهيملايا
الجليدية مما يهدد المزروعات والممتلكات بالغرق والفيضانات لهذه البحيرات
لمدة عشر سنوات قادمة. وبرجح العلماء أن سبب هذا إمتلاء هذه البحيرات
بمياه الجليد الذائب. وحسب برنامج البيئة العالمي وجد أن نيبال قد زاد
معدل حرارتها 1 درجة مئوية وأن الغطاء الجليدي فوق بوهتان يتراجع 30 –40
مترا في السنة. وهذه الفيضانات لمياه الجليد جعلت سلطات يوهيتان ونيبال
تقيم السدود لدرأ أخطار هذه الفيضانات.